فضاء حر

من عدن قلعة الشموخ والإباء العربي .. لا للتطبيع .. لا لصهينة أوطاننا العربية .. لا لاستباحة أراضينا

يمنات

صلاح السقلدي

لمّ أعدُّ شخصياً – ومعي كُــثرٌ من المراقبين العرب بالداخل اليمني و بالمحيط الإقليمي – أجَــدُ في الحديثِ عن الوجود الإسرائيلي “المتوقع” في جزيرة سقطرى 1466 ميل مربع  – جنوبي اليمن في بحر العرب – مجرد مزاعم  سياسية و إعلامية جوفاء يتم استخدامها بالداخل اليمني – و في عدن على وجه الخصوص- من قِــبل قوى يمنية – مثل حزب الإصلاح أكبر قوة سياسية بالحكومة اليمنية المعتر بها – لإحراج المجلس الانتقالي الجنوبي الحليف المقرّب من الإمارات أمام جماهيره، و لا بأنه أي الحديث عن الوجود الاسرائيلي في سقطرى – مجرد محاولة تشويه تقوم بها دول إقليمية هي على خصومة مع الامارات، و ذلك بعد أن تصاعدت التقارير و التحليلات السياسية الدولية و أصبحت بحكم المؤكدة و هي تتحدث عن هذا التدخل  قد أصبح أمرا مؤكدا و يوشك عمّـا قريب أن يكون واقعا ملموساً على  أرض الجزيرة، و ربما على البر اليمني كلها، للأسف، خصوصا حين تكون هذه التقارير مصادرها إسرائيلية و غربية و أمريكية، و هي المعروف عنها بمصداقيتها العالية حتى و ان صُـدرت من داخل دولة الاحتلال أو من  داخل دول هي حليفة لإسرائيل و تجاهر بعدائها للعرب و قضيتهم الأولى فلسطين،  إلّا أنها “التقارير” تتمتع بكثير من الصحة و المصداقية يمكن أن يُــعتد بها، و أن نبني عليها قراءتنا و توقعاتنا لما يتم التخطيط له، أو قُــل لما يتم التآمر على قضايانا المصيرية و مقدساتنا و ثرواتنا، و على أوطاننا و أمننا القومي الذي بات ورقة رهان و مسامة بيد بعض الأنظمة العربية الخانعة نظير ثمن بخس، و فيزا سفر الى قلب حاكم البيت البيضاوي عبر البوابة الإسرائيلية، بعد أن جنحت هذه الأنظمة للاستسلام و الانبطاح على عتبات الكنيس الصهيوني تبيع له الوطن العربي من المحيط الى الخليج و ليس فقط فلسطين و القدس و الاقصى الشريف، في وقت تمنع في دولة الاحتلال برفض الاعتراف بالحق العربي بل و تزهو بوجه حُـكام التطبيع و الانصياع، بخطواتها المتعجرفة  بضم مزيدا من الأراضي الى دولتها اليهودية العنصرية و بناء المستوطنات بالضفة الغربية.

إذن فنحن إزاء مؤشرات قوية على أن إسرائيل فعلاً تدلف بقوة صوب هذه الجزيرة الاستراتيجية و صوب منطقة بحرب العرب و تتمدد باضطراد بهذه لتصلها بقواعدها و نفوذها بالبحر الأحمر، و قريبا  تلتحم بقواعدها على ضفة الخليج الغربية مستفيدة “اسرائيل” من الغطاء الإماراتي بالمنطقة و باليمن على وجه التحديد فهي أي الإمارات موجودة باليمن و بالذات في الجزر و السواحل الجنوبية من محافظة المهرة شرقا حتى مدينة الحُــديدة غربا، مرورا بمدينة و ميناء عدن الحيويين في إطار ما يعُــرف بعاصفة الحزم “الحرب على اليمن” التي اعلنتها السعودية مطلع 2015م.

في جنوب اليمن قضية سياسية  موجودة منذ غداة الحرب بين شريكي الوحدة اليمنية المتعثرة عام 1994م اسمها القضية الجنوبية، انبثق من رحمها ثورة شعبية عام 2007م (الحراك الجنوبي) ما تزال دون حل حتى اللحظة. و حين بدأت الحرب الجارية اليوم باليمن وجدت السعودية و الإمارات في هذه القضية ضالتها لتكون حصان طروادة يمكن التخفي داخلها للنفاذ إلى صنعاء، و لكن أتت رياح صنعاء بما لا تشتهيه سفن الخليج، و أخفقت الخطة  و تغيرت الأولويات و تبدلت التحالفات و اُستبدلت جرّاء ذلك  كل الأدوات و تشكلت تضاريس خارطة أطماع جديدة. و لكن برغم هذا الفشل العسكري إلّا أن السعودية و معها الإمارات قد استطاعتا أن توظفا تلك القضية الجنوبية و تستخدمانها دون أن تخدمانها بشيء لترسيخ ترسانتهما العسكرية باليمن شمالا و جنوبا، و تمكين أطماعهما الاقتصادية من التغلغل عميقا على الأرض، و تمددا نفوذهما السياسي و الاجتماعي الطاغيين في الجنوب اليمني طولاً و عرضاً، يستغلان هذه القضية أسوأ استغلال، و إلى أبد مدى من الحيف و الضيم و الاستغلال، و ما الوجود الإماراتي بالجُــزر و الموانئ و منها جزيرة سقطرى إلّا واحدا من هذه الاستغلال الخليجي لهذه القضية و للأزمة اليمنية برمتها و لأكذوبة إعادة الشرعية الى صنعاء. و من هنا تمخر إسرائيل بأساطيلها و بوارجها عباب بحـــرَيّ: الأحمر و العرب، للهيمنة على ما تبقى لها بالمنطقة العربية مسترشدة بفنار إماراتي سعودي يضيء لها الدرب، على حساب اليمن و على حساب جنوبه المفترى عليه و على قضيته الوطنية و على حساب مستقبله و مستقبل أجيالها القادمة.

و عطفا على هكذا دلائل لمخططات خطيرة فإن البلد بات قاب قوسين أو أدنى مِــن أن يصبح في قبضة دولة الاحتلال الصهيونية كما هو حال فلسطين أو قريبا من ذلك، و بات أمنه و أمن الأمة العربية في خطرا صهيونيا داهما، بحرا و برا و جوا. من البحر الأحمر غربا الى بحر العرب و باب المندب جنوبا، حتى سواحل و أجواء و بر الخليج شرقا، و سيكون الجميع بمَــن فيهم الخليج تحت رحمة هذه الدولة الغاصبة العنصرية إن ظل الصمت مطبق على الشفاة.

و نخشى إزاء ذلك أن تتبدل أهدافنا من هدف تحرير فلسطين الى تحرير اليمن و الخليج، و يصير للعرب أكثر من قضية و أكثر من وطنٍ مــغتَصب. و لكن برغم كُــبر حجم قُــطر دائرة المؤامرات و دناءتها إلّا أننا كشعوب و نُـخبٌ عربية أصيلة و حرة سنظل نتصدى لها و لأصحابها مهما علا شأنهم و عظم مالهم، و تجاسرت بفجاجتهم، نتصدى بأعلى أصواتنا و سنمتشق ما تسير لنا من أسلحة مشروعة لوقفها و استعادة كل حقوق بلاد العُــرب من الشام لبغدادِ، و من نجدٍ إلى يمنٍ إلى مصرٍ فتطوانِ. فمن قلعة الشموخ العربي “عدن” التي كان لها شرف النضال العربي ضد الاستعمار الغربي و الصهيوني منذ عقود و قدمت التضحيات الكبيرة في لبنان و سائر الأقطار العربي نقول لا للتطبيع على حساب قضايانا العربية المصيرية و على حساب قدسنا و مقدساتنا … لا لصهينة أوطاننا العربية أو إذلالها إرضاءً لدولة الاحتلال الغاصبة و تملقاً لحاكم البيت البيضاوي المتغطرس.

المصدر: رأي اليوم

للاشتراك في قناة موقع يمنات على التليجرام انقر هنا

لتكن أول من يعرف الخبر .. اشترك في خدمة “المستقلة موبايل“، لمشتركي “يمن موبايل” ارسل رقم (1) إلى 2520، ولمشتركي “ام تي إن” ارسل رقم (1) إلى 1416.

زر الذهاب إلى الأعلى